نشاط الطائفين

فكرة النشاط

تهيئة عدد من الشباب للقيام بتطويف كبار السن وأصحاب الاحتياجات و تسعيتهم مجانا بعربات الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام ، خلال ساعات الذروة ،وتوفير بعض احتياجاتهم خلال الطواف كالشمسية وأكياس وضع الأحذية والمناديل .

أهداف النشاط

  • تحقيق أمر الله من قوله تعالى: وطهر بيتي للطائفين
  • إعطاء صورة مشرفة عن شباب مكة.
  • تحقيق التعاون مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام.
  • تعزيز التعظيم لدى الشباب من خلال خدمة الوافدين.
  • البعد الشرعي للنشاط

الطائفين

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..وبعد:

فإن الدين الإسلامي يبني أمة ذات رسالة لتبقى قائدة رائدة، وصالحة لكل زمان ومكان، ودينا هذا شأنه لا يدع مجالاً في السلوك العام، أو السلوك الخاص؛ إلا وجاء فيه بأمر السداد، ومن هنا فلا غرابة أن تدخل توجيهات الإسلام وأحكام الشريعة في تنظيم المجتمع، في دقيقه وجليله، في أفراده وجموعه، وفي شأنه كله. ولا تزال مدونات أهل الإسلام في الفقه والأخلاق مشحونة بالحكم والأحكام في فكر أصيل، ونظرٍ عميق، واستبحار في فهم الحياة، وشؤون الإنسان، وسياسة المجتمع، مع نماذج حية وسير فذة، وتطبيقات جليلة طوال تاريخ الأمة المجيد.

العمل فيها غير! إن من أصول تحقيق وحدة الأمة قولا لنبي صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحم همك مثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". [البخاري (6011),و مسلم (2586) واللفظ له] فهذا الحديث صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وحثهم على التراحم والملاطفة والتعاضد في غير إثمٍ ولا مكروه. [شرح صحيح مسلم للنووي (16/139)]

وهكذا تكون خدمة المسلمين والتعاون معهم لتحقيق مصالحهم جزءا من خدمة الإسلام التي يجزى عليها المسلمون، كل بعمله {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه} (الزلزلة: 7،8).

ومن هذا المنطلق الإسلامي الرشيد فإن شباب مكة هم أولى الناس بفضل خدمة الوافدين لحرمه، والسهر على مصالحهم والوقوف على حاجاتهم، فجدير بمن سكن مكة واستوطنها أن يرحم الوافد إليها، وأن يعطيه من الرحمة والحب ما يشعره أنه بين أهليه وأقربائه، وله في ذلك أجر عظيم وفضل كبير لشرف المكان أو الزمان أو كليهما.

ولاشك أن مكة المكرمة مهبط الوحي ومنطلق رسالة الإسلام إلى الناس، ومركز الإشعاع الحضاري الإسلامي الأول، أفضل البقاع إلى الله كما قال سيدنا صلى الله عليه وسلم: "والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله" [الترمذي (3925) وصححه الألباني في صحيح الجامع (7089)]، وبقعة تميزت بهذا الشرف (محبة الباري سبحانه وتعالى) لا بد أن تنال بهذا الحب خصائص تنفرد بها عن غيرها من بقاع العالم كـمضاعفة الصلوات فيها نصا كما ورد في الحديث وغير ذلك.

وفي المواطن الفاضلة والأزمان الشريفة قاعدة شرعية تدل على شرف الخدمة للبقاع الفاضلة: وهي أن الأعمال تتفاضل باعتبار الزمان والمكان، وتتفاضل بأحدهما، أو بكليهما من باب أولى.

قال إبراهيم النخعي: (كان يعجبهم إذا قدموا مكة أن لا يخرجوا حتى يختموا القرآن) [مثير العزم الساكن لابن الجوزي (1/331)]، وقال ابن تيمية في سياق كلامه: (وكذلك المكان والزمان الذي يحبه ويعظمه – كالكعبة وشهر رمضان – يخصه بصفات يميزه بها على ما سواه، بحيث يحصل في ذلك الزمان والمكان من رحمته وإحسانه ونعمته ما لا يحصل في غيره) [(17/201-202)] وعليه فالعمل فيها لا بد أن له خصوصية ومكانة على غيره باعتبار المكان، فالمضاعفة فيما عدا الصلاة من الأعمال في القدر والمكانة لا في العدد، كما قال ابن باز: (وبقية الأعمال الصالحة تُضاعف – أي في الحرم – ولكن لم يرد فيها حد محدود، إنما جاء الحد والبيان في الصلاة). (مجموع فتاوى ومقالات 17/198).

وبهذا تعلم أن خدمة زوار بيت الله الحرام فرصة لِتُضاعف حسناتك، وترفع درجاتك، ألستَ ترجو بالصلاة والزكاة الأجر؟! بالتأكيد سيكون الجواب: بلى. فها أنت في ميدان من ميادين العبادة إذا أخلصت ذلك لله عز وجل.

ابن مكة

:إن شباب مكة يمثلون في نظر العالم الشاب المسلم، حفيد الصحابة والتابعين، ويمثل مجتمع هذه البلاد، ويمثل دولة مسلمة طالما تَلهف الجميع إلى رؤية شبابها ورجالها؛ فعلى من يقف في خدمة بيت الله الحرام وزواره، الحرص على المظهر الإسلامي في الزي، والملبس والحديث والتعامل، فأنتم يا معشر الشباب تمثلون دينا ودولة وشبابا.. أرأيتم عِظم المسؤولية!!

قال الله تعالى في بيان شأن أهل مكة: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَ بِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُون}[العنكبوت:67].

فالعرب حول مكة كان بعضها يغزو بعضًا يتناهبون فيما بينهم، وأهل مكة قارّون آمنون فيها، لا يُغزون ولا يُغار عليهم مع قِلّتهم وكثرة العرب! [انظر: الكشاف للزمخشري (3/212)]، فأنتم يا أبناء مكة قدوة للأمم في الجاهلية والإسلام.

ويوضح ابن عاشور هذا المعنى، ولماذا خصّ أهل مكة بذلك؟ قال: (هذا تذكير خاص لأهل مكة، وإنما خُصُّوا من بين المشركين من العرب لأن أهل مكة قدوة لجميع القبائل، ألا ترى أن أكثر قبائل العرب كانوا ينتظرون ماذا يكون من أهل مكة، فلما أسلم أهل مكة يوم الفتح أقبلت وفود القبائل معلنة إسلامهم) [التحرير والتنوير (21/33-34)].

فأهل مكة قدوة لغيرهم، ولهم في ذلك مآثر عبر التاريخ قال ابن بطوطة الرحالة: (ولأهل مكة الأفعال الجميلة التامة والأخلاق الحسنة، والإيثار إلى الضعفاء والمنقطعين، وحسن الجوار للغرباء) [انظر: التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم (6/264)].

ويحكي رحّالة آخر من علماء المسلمين عن الخدمة التي وجدها من جميع طبقات المجتمع في مكة، فيقول: (فتلقانا أهل مكة وأطفالها متعلّقين بالناس، ليعلموهم المناسك ويهدوهم المسالك. قد دُرِّب صبيانهم على ذلك وحفظوا من الأدعية والأذكار ما يحسن هنالك) [رحلة ابن رشيد السبتي (ص80)].

فيا أبناء مكة "إنكم جيران الله وأهل الحرم، وإن الزوّار ضيفان الله، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً"، حتى يذهبوا لمنازلهم وأهليهم؛ بذلك تقومون بالواجب الشرعي في إكرام الضيف ويأخذوا عنكم صورة حسنة تليق بأهل مكة وسكانها.

اكسب دعوة وأجرا مع الطواف!

من أجل الخدمات التي تظهر فيها قيمة المواساة ويقدمها شباب مكة: خدمة الطائفين، وهي تهيئة عدد من الشباب للقيام بتطويف كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وتسعيتهم مجانا مواساة لهم وإعانتهم على أداء نسكهم في ساعات الذروة، مع توفير بعض احتياجاتهم خلال الطواف كالشمسية، وأكياس وضع الأحذية، والمناديل وغيرها.

ولا شك أن هذا من أجل الأعمال وأفضل القربات عند الله؛ لما فيه من مواساة المسلمين والتعاون على البر والتقوى، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:2]، فخدمة الزائرين لبيت الله الحرام شرف عظيم، من تيسر له فليحمد الله، قال حكيم بن حزام رضي الله عنه: (ما أصبحت صباحاً قط فرأيت بفنائي طالب حاجةٍ قد ضاق بها ذرعاً فقضيتها، إلاّ كانت من النعم التي أحمد الله عليها، ولا أصبحت صباحاً لم أر بفنائي طالب حاجةٍ، إلا كان ذلك من المصائب التي أسأل الله -عز وجل- الأجر عليها) [مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (ص:107)].

والمرء إذا أراد الطواف حول البيت الحرام هو أو من يعينه، فعليه مراعاة الأمور التالية : أن يكون على طهارة كاملة.
أن يبدأ الطواف من محاذاة الحجر الأسود وينتهي به.

أن تكون الكعبة عن يساره أثناء الطواف.
ثم يبدأ الطواف باستلام الحجر الأسود وتقبيله إن تيسر له ذلك دون مزاحمة الناس أو الإيذاء لهم، وإلاَّ أشار إليه بيده اليمنى دون تقبيلها، قائلاً: (الله أكبر) أو (بسم الله، والله أكبر)، ثم يمضي لإكمال بقية الشوط، والكعبة عن يساره يدعو بما شاء، فإذا وصل إلى الركن اليماني استلمه بيده اليمنى دون تكبيرٍ أو تقبيل، ويقول بين الركن اليماني والحجر الأسود: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، حتى يصل إلى الحجر الأسود.

وبهذا يكون قد أكمل شوطاً واحداً، ويكمل بقية الأشواط كما فعل في الشوط الأول، حتى يكمل سبعة أشواط، فإذا انتهى من الشوط السابع صلى ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام إن تيسر له ذلك، أو يصليها في أي مكانٍ شاء؛ يقرأ في الركعة الأولى بعد فاتحة الكتاب (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية (قل هو الله أحد).

وإذا قدم بحجٍ أو عمرة، فإنه يخرج إلى الصفا، فإذا دنا منه قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيم}[البقرة:158]، ثم يرقى عليه حتى يرى البيت، فيستقبل القبلة ويكبر الله ثلاثاً، ثم يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده)، يكرر هذا الذكر ثلاث مرات، ويدعو بين ذلك بما شاء، ثم ينزل ماشياً إلى المروة حتى إذا حاذا العلمين الأخضرين سعى، ثم يمشي حتى يأتي المروة، فيرقى عليها حتى ينظر إلى البيت، فيفعل على المروة كما فعل على الصفا، وبهذا يكون قد أتم شوطاً واحداً، ثم يعود إلى الصفا وبهذا قد أتم شوطاً ثانياً، وهكذا يفعل حتى يتم السعي سبعة أشواط يختمها على المروة.

تنبيهات

على الطائف أن يتجنب الدخول من الحِجْر أثناء طوافه؛ لأنه جزءٌ من الكعبة.
وعليه أن يتخير أثناء طوافه ما شاء من قراءة القرآن وأنواع الأذكار والدعاء، فهو أعلم بحاجته.
وأن يحرص على إتباع السنة أثناء الطواف قدر استطاعته، فيمسح الركن اليماني، ويقبل الحجر الأسود دون أذية إخوانه المسلمين، أما بقية أركان الكعبة، فلا يشرع مسحهما أو تقبيلهما.

تثقيف الأنام

إن توفير من يقوم على التذكير بهذه الحقوق (بفعله قبل قوله) يعتبر من إحياء شعائر الإسلام وإشاعتها بين الناس،حتى يتم لنا المقصد الأسمى وهو تحقيق خيرية الأمة المشار إليها في قول الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}[آل عمران:110]

فهنيئا لشباب مكة خدمة بلد الله الحرام وزوراه الكرام، وهنيئا للوافدين لحرمه بهؤلاء الشباب المشمرين عن سواعدهم رغبة في الخير، ونشر المعروف في أطهر البقاع وأشرفها في الدنيا؛ حتى يكون التعظيم لبلده ظاهرا وواقعا، ويصبح ثقافة ينقلها جيل عن جيل.